الطريق السريع بين الدمام والرياض- تحديات وحلول للارتقاء بجودته.

تعتبر الرحلات البرية بالسيارة متعة حقيقية وفرصة للاستمتاع بالحرية والمرونة، فهي توفر بديلاً جذاباً من حيث التكلفة والراحة مقارنة بوسائل النقل الأخرى مثل الطائرات، حيث يمكنك التحكم في جدولك الزمني والانطلاق في الوقت الذي يناسبك، وعادةً ما تكون الطرق السريعة بين المدن في معظم بلدان العالم مجهزة تجهيزاً جيداً بمحطات الوقود والاستراحات المتكاملة والفنادق الصغيرة المريحة، مما يجعلها تشكل دعامة اقتصادية هامة لتلك الدول، والولايات المتحدة الأميركية مثال حي على ذلك، إذ يجد المسافرون متعة لا تضاهى في استكشافها بالسيارة. لكن مع الأسف، يشوب الطرق السريعة في بلادنا إهمال واضح وتردٍّ في حالتها، حيث تتسم أعمال الصيانة بالبطء والتأخير، وقد تستغرق الإصلاحات وقتاً طويلاً يمتد لأشهر أو حتى سنوات، ومن الأمثلة الصارخة على ذلك الطريق السريع الذي يربط الدمام بالرياض، والذي أُنشئ منذ عقود مضت، ورغم أنه يتكون من ثلاثة مسارات في كل اتجاه، إلا أن حجم الحركة المرورية عليه قد تزايد بشكل ملحوظ، خاصةً حركة الشاحنات الثقيلة التي تتسبب في تلفيات كبيرة للطريق، لا سيما المسار الأيمن الذي غالباً ما تستخدمه. فبالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه الشاحنات الكثيفة، إلى جانب ضيق الطريق والحفر المنتشرة فيه، خطراً حقيقياً على السيارات الصغيرة، لذا، فإن توسعة الطريق وإضافة مسارات جديدة بات أمراً ملحاً، خاصةً مع وجود مساحات شاسعة من الأراضي على جانبي الطريق، وقد يكون إنشاء خط سكة حديد جديد مواز للطريق السريع بين الرياض والدمام حلاً مثالياً لتخفيف الازدحام المروري، وتحويل جزء كبير من حركة النقل إلى السكك الحديدية، مما سيوفر الكثير من الطاقة ويقلل من التلوث ويرفع مستوى السلامة المرورية على هذا الشريان الحيوي، ويمكن تمديد هذا الخط لاحقاً إلى الساحل الغربي للمملكة عند تنفيذ الجسر البري، مما سيحوّل المدن والمناطق المحيطة إلى مراكز اقتصادية هامة للخدمات اللوجستية، ويعزز مكانة المملكة كمركز حيوي في الاقتصاد الإقليمي والعالمي. حقيقةً، لا أجد تفسيراً منطقياً للإهمال الذي يعانيه هذا الطريق وعدم وجود برنامج صيانة دورية ومنتظمة له، إذ كثيراً ما تتضرر السيارات العابرة من الحفر والمطبات المنتشرة على طول الطريق، والتي يصعب تفاديها بسبب كثافة الحركة المرورية، كما أن محطات الوقود المتاحة على هذا الطريق متباعدة بشكل ملحوظ، ولا أعلم لماذا لا يتم منح المزيد من التراخيص لإنشاء محطات ومراكز خدمة وراحة إضافية، وإذا كانت هناك مخاوف من تأثير هذه المحطات على الحركة المرورية، فيمكن إنشاؤها بعيداً عن الطريق السريع، ويا حبذا لو تضافرت جهود المرور والجهات المعنية لمعالجة مشكلة تكدس الشاحنات وانتظارها لمسافات طويلة قبل مراكز وزن الشاحنات، لأن ذلك يشكل خطراً كبيراً على السلامة المرورية. وانطلاقاً من تجربتي الشخصية على هذا الطريق قبل أسبوع، لاحظت أن عدد محطات الوقود لا يتناسب إطلاقاً مع حجم الحركة المرورية الهائلة، بالإضافة إلى تدني مستوى بعض المحطات الموجودة من حيث النظافة وتوفر الخدمات الأساسية مثل دورات المياه والمطاعم والاستراحات وخدمات الصيانة السريعة. كما أن المسافات الطويلة بين المحطات قد تُعرّض المسافرين لمواقف صعبة، خاصة في حالات الطوارئ أو أعطال السيارات. إن طريق الدمام الرياض ليس مجرد طريق للمسافرين، بل هو شريان اقتصادي وتجاري وأمني وسياحي حيوي، وكلما حافظنا عليه وطورناه، ارتقينا بجودة الحياة وتقدمنا بخطوات واثقة نحو تحقيق رؤية الوطن الطموحة.